الأحد، يوليوز 02، 2006
المدارس اليهودية بالمغرب تخضع لنظام البعثات ولا تولي أهمية للتربية الدينية
وقفوا في صف واحد ولباس واحد وبنغم واحد أنشدوا للسلام في الذكرى الثالثة لأحداث 16 ماي… التي هزت الرأي العام المغربي، وبعثت الخوف في النفوس من الانزلاق لحرب دينية أو إثنية… إنهم أطفال مغاربة جميعا، مؤمنون كلهم، بعضهم يهود وأكثرهم مسلمون… إنها تجربة فريدة في العالم العربي لمدارس تتحدى المواجهة العنصرية وتجمع اليهودي بالمسلم في فصل واحد؛ يتعلمون سر العالم والكون ويعلمون للكبار سر التعايش والحلم بعالم بدون حرب.
كانت مساهمة الطائفة اليهودية في ذكرى 16 ماي لوحة عمادها لونان دينيان، الإسلام واليهودية، انصهرا لترجمة أنشودة السلام التي باحت بها حناجر التلاميذ الصغار في تناغم تام على مدى ساعتين من الزمن. ولم يكن هؤلاء الأطفال الصغار سوى تلاميذ تفرق بينهم العقيدة لكن تجمعهم نفس الحجرات الدراسية. كان الأطفال الذين ارتدوا زيا واحدا يطغى عليه لون السلام منظمين جنبا إلى جنب في صفوف متراصة دون أن يخضع ذلك لسلطة المعتقد، بحيث لم يكن من المتيسر تمييز المسلم عن اليهودي، كلهم كانوا أبطالا للوحة السلام ونبذ العنف. استمر العرض الذي غطته وسائل الإعلام الوطنية زهاء ساعتين باح فيها الأطفال، الذين فاق عددهم 60 طفلا، بكل ما لقن إليهم من أنشودات للسلام ونبذ العنف والحث على تعايش كل الديانات في العالم بأسره، بعيدا عن التزمت والتعصب الذي لا يولد إلا الإرهاب. كان آباء وأولياء التلاميذ الحاضرين فخورين حد الذهول بصنيع براعمهم الصغيرة... ترجم ذلك تصفيقاتهم الحارة عند انتهاء كل مقطع... كل فقرة... وكل أنشودة. اللقاء الذي حضره رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب سيرج بيرديغو وعدد من فعاليات المجتمع كان مناسبة أخرى، قال بيرديغو في تصريح للصحافة "لتجسيد روح التعايش بين الديانات على أرض المغرب، ودعوة صريحة على لسان هؤلاء البراعم لنبذ العنف وكل أشكال الإرهاب الديني والفكري...". الأطفال الذين قدموا عرض السلام هم تلاميذ مدارس يهودية مختلفة يدرس بها، بنسب متفاوتة، المسلمون واليهود.تقول ريبيكا، إحدى المدرسات بمدرسة يهودية بالدار البيضاء "إن الآباء المسلمين الذين يسجلون أبناءهم بمدارس يهودية يطمحون إلى تلقين أبنائهم تربية غربية، ثم إن أغلب هؤلاء الأطفال نشؤوا في محيط بعيد نسبيا مع العادات والثقافة العربية الإسلامية<. وتضيف ريبيكا >إن القليل الذي يعرفه هؤلاء الصغار عن الدين والتقاليد لا يمكنه على الإطلاق أن يضمن لهم هوية إسلامية مغلقة في المستقبل، حيث يتأثرون ببرنامج غربي منذ نعومة أظافرهم، والآباء بالمقابل يرون اكتساب أبنائهم ثقافة غربية أمرا جيدا". تخضع المدارس اليهودية بالمغرب لنظام البعثات الأجنبية، وتبعا لذلك تحدد البرامج التي تلقن للتلاميذ.ويطلق على مجموع هذه المدارس اسم "اتحاد المغرب" أو >رابطة المغرب<، ويعني المدارس اليهودية التي بدأ الاعتراف بها رسميا بالمغرب منذ سنة 1928، تاريخ توقيع أول اتفاق بين المغرب واتحاد المغرب في هذا الإطار. ديبروا، والدة يهودية إحدى التلميذات، لم تخف حرصها على تولي تلقين ثقافة دينية يهودية صارمة لأبنائها، وتقول بأن "المدرسة ليست مسؤولة تماما عن هذا الجانب بقدر بما يتحمل الآباء مسؤولية غرس قيم الدين في نفوس أبنائهم". وتضيف "في المدرسة يمكنهم أن يتأثروا بمنابع أخرى، لذلك يجب الحرص قدر الإمكان على الاستقامة الدينية لأبنائنا". رغم اختلاف معتقداتهم الدينية، بدا أطفال "اتحاد المغرب" أو >رابطة المغرب< أكثر انسجاما. ورغم إدماج اللغة العربية كمادة ضمن البرنامج التعليمي للمدارس اليهودية، إلا أن الكثيرين لا يتحدثون إلا لغة موليير، بل إن بعض التلاميذ ذوي الأصول العربية بالكاد ينطقون جملا مبعثرة بالعربية، فهم يلوكون الفرنسية في البيت والمدرسة والنادي... إلى أن أصبحت لغتهم الأولى. مع بداية القرن الماضي، بدأت المدارس اليهودية بالظهور بشكل أوسع في مدن مختلفة كطنجة وتطوان ومدن أخرى عديدة، مخترقة المجال التعليمي المغربي، وتبعا لذلك أنشئت عدة مدارس فرنسية- يهودية فرضتها معطيات سوسيوثقافية كثيرة، فقد كان عدد اليهود المغاربة إلى حدود تاريخ قريب يصل إلى 220.000، أي ما يقارب 2 في المائة من مجموع السكان. وهو ما فرض توسيع قاعدة البنيات التعليمية الأساسية لأبناء اليهود. وكانت المدارس اليهودية عند نشأتها حكرا على هؤلاء، ثم بدأ بعد ذلك يتسرب إليها أبناء المغاربة المسلمين شيئا فشيئا إلى أن بلغ معدل التلاميذ المسلمين في بعض المدارس اليهودية أزيد من 50 في المائة من مجموع المتمدرسين، كما هو الحال بالنسبة لثانوية "مايمونيد"، إحدى أقدم وأشهر المؤسسات التعليمية اليهودية بالعاصمة الاقتصادية. وساهم في إنعاش وجود المتمدرسين المسلمين في صفوف المدارس اليهودية تراجع عدد اليهود المغاربة الذي تدرجت نسبته في الانخفاض إلى أن بلغت في الوقت الراهن حوالي 5000 يهودي قاطن بالمغرب فقط. ومقابل ذلك، ازداد شغف بعض الأسر المسلمة بتسجيل أبنائها في صفوف هذا النوع من المدارس الخاضع لنظام يشبه نظام البعثات الأجنبية. العديد من أولياء وآباء تلاميذ المدارس اليهودية من المسلمين يرفضون تقديم أسباب ودواعي اختيارهم لمدارس يهودية لتعليم أبنائهم، معللين ذلك بـ"الضوابط المجتمعية التي قد تسيء فهم اختيارهم هذا". وفي هذا الإطار، يقول مصطفى بناني، والد أحد التلاميذ "اخترنا هذه المدارس لأنها أساسا تابعة لنظام البعثات الأجنبية، ثم إن خريجيها من أحسن التلاميذ، كما أنه متعارف على صرامتها في ضبط التلاميذ والحرص على تكوينهم الأخلاقي والديني أيضا، إذ رغم كونها مدارس يهودية فهي تتعامل مع صنفين من التلاميذ، المسلمين واليهود، ولكل من هؤلاء تكوين ديني خاص طبقا لأصولهم العقائدية، فيما تجمعهم فصول دراسية أخرى واحدة لا علاقة لها بالجانب العقائدي أوالديني". أسر التلاميذ المسلمين تتحاشى بشكل كبير الإفصاح عن تسليمها لمشعل التعليم والتربية لمدارس يهودية. وتفسر أمينة الكيلاني، والدة تلميذين بمدرسة يهودية ذلك بكون "الكثير من الناس يختزلون العلاقة بين المسلمين واليهود في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي"، والحال، تضيف "أن اليهودية كدين لا علاقة لها مطلقا بالصهيونية كحركة، وأن اليهود وإن اختلفنا معهم في الجانب العقائدي فإننا نتوحد وإياهم في الجانب الإنساني والاجتماعي والتربوي... بعيدا عن المزايدات الفارغة". ديبورا، المعلمة بمدرسة يهودية، تؤكد >أن لا مكان للعنصرية بين تلاميذ كل المدارس اليهودية، فهم جميعا سواسية ولكل واحد حريته في اختيار دينه<، وتشرح أكثر >فدروس الموسيقى والرسم وكل الفنون الجميلة التي يتلقونها تنمي فيهم حب الحياة وتزكي لديهم روح التسامح والتعايش وكل الخصال الحميدة، فهؤلاء البراعم ما زالوا صغارا وهي فرصة لنا لأن نجبل فطراتهم على التسامح واحترام وتقبل وجود الغير<، كل صباح يتوجه التلاميذ المسلمون واليهود الى فصل الدراسة، فهل يستطيعون بعد أن يتخرجوا كبارا أن يمشوا على الطريق نفسه مستقبلا؟
كانت مساهمة الطائفة اليهودية في ذكرى 16 ماي لوحة عمادها لونان دينيان، الإسلام واليهودية، انصهرا لترجمة أنشودة السلام التي باحت بها حناجر التلاميذ الصغار في تناغم تام على مدى ساعتين من الزمن. ولم يكن هؤلاء الأطفال الصغار سوى تلاميذ تفرق بينهم العقيدة لكن تجمعهم نفس الحجرات الدراسية. كان الأطفال الذين ارتدوا زيا واحدا يطغى عليه لون السلام منظمين جنبا إلى جنب في صفوف متراصة دون أن يخضع ذلك لسلطة المعتقد، بحيث لم يكن من المتيسر تمييز المسلم عن اليهودي، كلهم كانوا أبطالا للوحة السلام ونبذ العنف. استمر العرض الذي غطته وسائل الإعلام الوطنية زهاء ساعتين باح فيها الأطفال، الذين فاق عددهم 60 طفلا، بكل ما لقن إليهم من أنشودات للسلام ونبذ العنف والحث على تعايش كل الديانات في العالم بأسره، بعيدا عن التزمت والتعصب الذي لا يولد إلا الإرهاب. كان آباء وأولياء التلاميذ الحاضرين فخورين حد الذهول بصنيع براعمهم الصغيرة... ترجم ذلك تصفيقاتهم الحارة عند انتهاء كل مقطع... كل فقرة... وكل أنشودة. اللقاء الذي حضره رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب سيرج بيرديغو وعدد من فعاليات المجتمع كان مناسبة أخرى، قال بيرديغو في تصريح للصحافة "لتجسيد روح التعايش بين الديانات على أرض المغرب، ودعوة صريحة على لسان هؤلاء البراعم لنبذ العنف وكل أشكال الإرهاب الديني والفكري...". الأطفال الذين قدموا عرض السلام هم تلاميذ مدارس يهودية مختلفة يدرس بها، بنسب متفاوتة، المسلمون واليهود.تقول ريبيكا، إحدى المدرسات بمدرسة يهودية بالدار البيضاء "إن الآباء المسلمين الذين يسجلون أبناءهم بمدارس يهودية يطمحون إلى تلقين أبنائهم تربية غربية، ثم إن أغلب هؤلاء الأطفال نشؤوا في محيط بعيد نسبيا مع العادات والثقافة العربية الإسلامية<. وتضيف ريبيكا >إن القليل الذي يعرفه هؤلاء الصغار عن الدين والتقاليد لا يمكنه على الإطلاق أن يضمن لهم هوية إسلامية مغلقة في المستقبل، حيث يتأثرون ببرنامج غربي منذ نعومة أظافرهم، والآباء بالمقابل يرون اكتساب أبنائهم ثقافة غربية أمرا جيدا". تخضع المدارس اليهودية بالمغرب لنظام البعثات الأجنبية، وتبعا لذلك تحدد البرامج التي تلقن للتلاميذ.ويطلق على مجموع هذه المدارس اسم "اتحاد المغرب" أو >رابطة المغرب<، ويعني المدارس اليهودية التي بدأ الاعتراف بها رسميا بالمغرب منذ سنة 1928، تاريخ توقيع أول اتفاق بين المغرب واتحاد المغرب في هذا الإطار. ديبروا، والدة يهودية إحدى التلميذات، لم تخف حرصها على تولي تلقين ثقافة دينية يهودية صارمة لأبنائها، وتقول بأن "المدرسة ليست مسؤولة تماما عن هذا الجانب بقدر بما يتحمل الآباء مسؤولية غرس قيم الدين في نفوس أبنائهم". وتضيف "في المدرسة يمكنهم أن يتأثروا بمنابع أخرى، لذلك يجب الحرص قدر الإمكان على الاستقامة الدينية لأبنائنا". رغم اختلاف معتقداتهم الدينية، بدا أطفال "اتحاد المغرب" أو >رابطة المغرب< أكثر انسجاما. ورغم إدماج اللغة العربية كمادة ضمن البرنامج التعليمي للمدارس اليهودية، إلا أن الكثيرين لا يتحدثون إلا لغة موليير، بل إن بعض التلاميذ ذوي الأصول العربية بالكاد ينطقون جملا مبعثرة بالعربية، فهم يلوكون الفرنسية في البيت والمدرسة والنادي... إلى أن أصبحت لغتهم الأولى. مع بداية القرن الماضي، بدأت المدارس اليهودية بالظهور بشكل أوسع في مدن مختلفة كطنجة وتطوان ومدن أخرى عديدة، مخترقة المجال التعليمي المغربي، وتبعا لذلك أنشئت عدة مدارس فرنسية- يهودية فرضتها معطيات سوسيوثقافية كثيرة، فقد كان عدد اليهود المغاربة إلى حدود تاريخ قريب يصل إلى 220.000، أي ما يقارب 2 في المائة من مجموع السكان. وهو ما فرض توسيع قاعدة البنيات التعليمية الأساسية لأبناء اليهود. وكانت المدارس اليهودية عند نشأتها حكرا على هؤلاء، ثم بدأ بعد ذلك يتسرب إليها أبناء المغاربة المسلمين شيئا فشيئا إلى أن بلغ معدل التلاميذ المسلمين في بعض المدارس اليهودية أزيد من 50 في المائة من مجموع المتمدرسين، كما هو الحال بالنسبة لثانوية "مايمونيد"، إحدى أقدم وأشهر المؤسسات التعليمية اليهودية بالعاصمة الاقتصادية. وساهم في إنعاش وجود المتمدرسين المسلمين في صفوف المدارس اليهودية تراجع عدد اليهود المغاربة الذي تدرجت نسبته في الانخفاض إلى أن بلغت في الوقت الراهن حوالي 5000 يهودي قاطن بالمغرب فقط. ومقابل ذلك، ازداد شغف بعض الأسر المسلمة بتسجيل أبنائها في صفوف هذا النوع من المدارس الخاضع لنظام يشبه نظام البعثات الأجنبية. العديد من أولياء وآباء تلاميذ المدارس اليهودية من المسلمين يرفضون تقديم أسباب ودواعي اختيارهم لمدارس يهودية لتعليم أبنائهم، معللين ذلك بـ"الضوابط المجتمعية التي قد تسيء فهم اختيارهم هذا". وفي هذا الإطار، يقول مصطفى بناني، والد أحد التلاميذ "اخترنا هذه المدارس لأنها أساسا تابعة لنظام البعثات الأجنبية، ثم إن خريجيها من أحسن التلاميذ، كما أنه متعارف على صرامتها في ضبط التلاميذ والحرص على تكوينهم الأخلاقي والديني أيضا، إذ رغم كونها مدارس يهودية فهي تتعامل مع صنفين من التلاميذ، المسلمين واليهود، ولكل من هؤلاء تكوين ديني خاص طبقا لأصولهم العقائدية، فيما تجمعهم فصول دراسية أخرى واحدة لا علاقة لها بالجانب العقائدي أوالديني". أسر التلاميذ المسلمين تتحاشى بشكل كبير الإفصاح عن تسليمها لمشعل التعليم والتربية لمدارس يهودية. وتفسر أمينة الكيلاني، والدة تلميذين بمدرسة يهودية ذلك بكون "الكثير من الناس يختزلون العلاقة بين المسلمين واليهود في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي"، والحال، تضيف "أن اليهودية كدين لا علاقة لها مطلقا بالصهيونية كحركة، وأن اليهود وإن اختلفنا معهم في الجانب العقائدي فإننا نتوحد وإياهم في الجانب الإنساني والاجتماعي والتربوي... بعيدا عن المزايدات الفارغة". ديبورا، المعلمة بمدرسة يهودية، تؤكد >أن لا مكان للعنصرية بين تلاميذ كل المدارس اليهودية، فهم جميعا سواسية ولكل واحد حريته في اختيار دينه<، وتشرح أكثر >فدروس الموسيقى والرسم وكل الفنون الجميلة التي يتلقونها تنمي فيهم حب الحياة وتزكي لديهم روح التسامح والتعايش وكل الخصال الحميدة، فهؤلاء البراعم ما زالوا صغارا وهي فرصة لنا لأن نجبل فطراتهم على التسامح واحترام وتقبل وجود الغير<، كل صباح يتوجه التلاميذ المسلمون واليهود الى فصل الدراسة، فهل يستطيعون بعد أن يتخرجوا كبارا أن يمشوا على الطريق نفسه مستقبلا؟