الجمعة، نونبر 16، 2007

 

مغامرة سبتمرية

اشعر بالقرف و أنا أسير
لم تكبدت كل هذا العناء ان كان مصيري ان اعود الى المغرب
توقفت قليلا و نظرت الى الوراء و رايتهم ينظرون الي و كأنهم يستحثونني للاسراع
مشيت ساعة وسط الكثبان الرملية و قناني الماء معلقة في دراعيتي الزرقاء و في كيس بلاستيكي جواز سفري و أوراق عديدة محفوظة بعناية
تراءت لي بناية بعيدة وفوقها العلم الجزائري هي قسم لشرطة مراقبة الحدود
سلمتهم وثائقي وكانوا ينظرون الي باستغراب و يتبادلون بينهم كلمات بالعربية لم أفهمها
تحدثوا باللاسلكي مع أصوات بعيدة و أنا جالس بمكاني أراقب
وتقول انت مروكي؟
يقول الضابط بهدوء و العرق يتصبب من وجهه الذي جعلنه الشمس ذا لون غريب
أنا مغربي و جئت من الحدود النيجرية. أنا سائح و أطلب ان تتم اعادتي الى الحدود المغربية
ينظر الي ببلاهة يم الى اوراقي و يردد اذن انت مروكي مروكي
لاأعرف لم كان يردد كلمة مروكي بتشف ربما هي شتيمة
و لا تخفى علي العدواة المجانية المعشعشة في صدور الشعبين المغربي و الجزائري و التي لا أعرف اسبابها أساسا ربما هي من دسائس النظامين المتناحرين منذ الستينات او يمتد عمرها الى ماقبل ذلك حين هزم السلطان المغربي على يد الفرنسيين و سلمهم الامير عبد القادر الجزائري الذي قال كلاما بعد نفيه اصبح من الامثلة الشعبية المفضلة عند الجزائريين
ولو الماء يعود حليب المغربي ما يكون حبيب
نعم مروكي قلت باستسلام
نظر باشفاق الى ملابسي الصحراوية
دراعة زرقاء باهتة و لثام أسود و صندل جلدي من الصناعة المحلية للطوارق
بعد مدة وجدت نفسي في سيارة جيب غفوت و كانوا يحاولون ايقاظي حين وصلنا تمنراست
سألوني و أجبتهم بما سبق ان نبهني الرجال الطوارق ان أقوله و كأنهم عرفوا كل أسئلة الجنود الجزائريين مسبقا
لم لم أذهب الى السفارة المغربية في النيجر أو مالي و لم قصدت الحدود مشيا و غيرها
أجبتهم و في عيني أحد الجنود الجزائريين كانت تلمع ابتسامة تقول أعرف أنك كاذب أعرف ما وقع لك
تبادلنا نظرات متواطئة
عرفت انه طوارقي من سحنته السمراء و تأكدت من اثار النيلة التي يتركها اللثام في الوجه و من خيوط تعلق تمائم في الصدر يؤمن الطوارق و بعض الشعوب الايفريقية انها تحمي من كل شيء وحتى الرصاص
منذ ان الغيت معاهدة السلام بين الثوار الطوارق و حكومتي مالي و النيجر و بدأت الحرب مجددا و منذ ان قرأت و أنا في المغرب ان اميركا دخلت على الخط ودعمت مالي و ان فرنسا العدو التاريخي لنا ما تزال على عهدها تدعم مرتزقة الماليين جمعت بعضا من ملابسي و زرت معهد باستور من اجل التلقيحات و سافرت الى مدينة الداخلة و منها الى موريطانيا و منها الى شمال النيجر حيث التقيت بقوافل الطوارق يتدفقون من كل الانحاء الى المنطقة المحررة كيدال


و سمعتهم يتحدثون عن جبهة تحرير الايير و الازواد و الزعيم الشهيد مانو دياك الذي قصفته الطائرات الفرنسية و عن الشيوخ الخونة الذين بايعوا القذافي زعيما لكل النماشق/الطوارق

مانو دياك"
كانوا يغنون, بنادق الكلاشنيكوف في يد و القيثارات في يد ,وهم يدندنون ياغاني مجموعات البلوز التاركي تيناريون و توماست و تراكافت
حين سألونني رددت اسمي و اسم قبيلتي فباركوني
اعيد بلكنتي الغربية عنهم واسرد لهم في الخيام وقت الاستراحة كيف ان اسرتي هربت من الحرب الاولى في السبعينات من كيل اهكار الى المغرب و كيف حصلنا على الجنسية المغربية بمقابل الخدمة في الجيش و كيف هلك نصف رجال الاسرة في الحرب ضد البوليساريو نصرة للمغاربة
يرددون ادامن ادامن
اعرف من دزينة الكلمات الامازيغية التي اعرفها انهم يقولون الدم
ان الدم من اتى بهذا الشاب هنا الى الصحراء
سمعت التماشق يتحدثون باعجاب عن الزعيم الجديد
ابراهيم اك بهانكا الذي اعلن الجمهورية و عن الحرب الاتية


ابراهيم أك بهانك"ا"
الاحق اسلحتهم بنظراتي و أمني نفسي بسلاح و موت قريب بالرصاص
شيء ما يغلي في عروقي كلما غيرت القافلة مسارها او توقفت السيارات لأن الجيش المالي قريب او يتحرك في الجوار
في المخيم كان كل الطوارق من ليبيا و موريتانيا و فرنسا هناك يتحدثون غاضبين
دكاترة و طلاب و مدرسون تركوا أعمالهم و جاؤوا ليشاركوا في الثورة الجديدة
قيل الطوارق كلمة عربية تعني الذين تركهم الله و لم اسمع يوما شخصا منهم استعملها بل يقولون التماشق او ايموهاغ
اي الامازيغ
لا ادري ان تركنا الله ام تركناه المهم اننا في الصحراء لنحارب كل دول العالم
لو كانت الحروب بالشعر و الموسيقى لانتصرنا كنت افكر و أنا اراهم يتمددون مستمعيين الى الموسيقى الجميلة لأحد عازفي ايشومار الذي سينشيء مجموعة جديدة للبلوز اسماها
تمكراست
ابرهيم اك بهانكا يقول انه من المستحسن ان ترحل
جاء جواب شاب صارما و عرفت انه لا مكان لي هنا الان
عرفت انهم يطلبون شبابا من المتمرسين في حمل السلاح
كل طلباتي و اقتراحاتي للمساعدةرفضت
و قبلت ,بعد ان رأيت حزما مرعبا في أعين هؤلاء العساكر السابقين في الجيش المالي او النيجيري, ان اسافر الى العاصمة الى السفارة المغربية لأرجع
عرفت انهم لا يتقبلون النقاش
قال لي شيخ ضحوك
انت محظوظ تحمل "ورقة المغاربة" و لن يؤذيك احد من الجيش
جاء الخبر في الغذ ان النيجيريين حاصروا المنطقة و انهم رحلوا العديد من الاوروبيين الذين جاؤوا لمساعدة الطوارق ومنهم
مخرج فرنسي
بعد أيام كنت أتجول فيها في المخيمات و أعبث مع الأطفال قرروا ان أرحل الى الحدود الجزائرية
في الطريق قال لي معاون للزعيم ابراهيم
أمثالك مكانهم هناك ليتحدثوا عنا هل تريد ان نباد كلنا هنا؟
استوقتني كلمة هناك كان لها وقع غريب
هناك في المغرب حيث أموت من البطالة هناك
رأيت أعين الرجال تلمع من وراء اللثام الذي لا ينزعه الطوارق أبدا
الجزائريون يعرفون اني طوارقي
قال الجندي الطوارقي الجزائري لي
هل صحيح ان ملك المغرب يحرسه الطوارق؟
لا ادري أجبته
كان يلمح الى الطوارق الذين جلبهم سلطان ما لحراسته بعد ان وثق فيهم و اسكنهم حيا يحمل
اسم التواركة بالرباط و هي عادة ملوكية في كل العالم ففي الاردن يتشكل الحرس اساسا من الشركس وليس من الاردنيين العرب
وكان يلمح الى خيانة طوارق المغرب لاصولهم ربما
تذكرت كيف كان أبي لا ينزع اللثام و كيف اجبر مع مرور الوقت ان يعري وجهه
تذكرت طفولتي في أحياء مدينة مغربية كيف كان الاطفال يتحاشون النظر الي ويقولون من نظر الى التاركي مباشرة في عينيه سيمتص الدماء منه
منبوذا وحيدا كنت حينها الى ان التقيت بطفل أشقر ذي عيون ملونة لفظته مجموعة الاطفال مثلي فأصبحنا أصدقاء
طفل مختلف مثلي قالت لي امي انه من اوداين اي اليهود الذين قتلوا الرسول محمد
كنا نلعب معا لاننا كرهنا الوحدة و لاننا منبوذون و حين نغضب من بعضنا البعض كنت أقول له مارسيل يا قاتل نبي ن سيدي ربي /نبي الله
فيرد مادا لسانه بطريقة مضحكة يا مصاص الدماء يا ذا العيون المرعبة
المروكي تعالا يا المروكي صاح الضابط الجزائري من غرفة اخرى
مانيش" مروكي" صحت به في غضب



This page is powered by Blogger. Isn't yours?