الثلاثاء، شتنبر 12، 2006

 

فظاعات من التاريخ السياسي للإسلام

لطالما استوقفتني الهمجية و البشاعة غير المسبوقتين اللتين دأب خلفاء و قادة الإسلام على التعامل بها في تاريخهم الطويل من الحروب التي لا تنتهي و نزاعاتهم التي لا تعد و فتنهم التي لا تحصى. ولطالما أثارت صور الوحشية التي طبعت تاريخ الإسلام السياسي في نفسي أشد مشاعر التقزز و الاستهجان.
دين يسمي نفسه دين السماحة وخلفاء وولاة و قادة هم في سوادهم الأعظم أئمة وفقهاء، والجميع مستغرق بنشاط وحيوية في دوامة لا تنتهي من أعمال القتل و الاغتيال والسبي و النهب و الإحراق و التدمير. طبعا كل معسكر يحشد عشرات الأدلة من آيات وأحاديث على صدقية ما يقول. و السؤال الذي كثيرا ما حيرني هو أين هو ذلك الوازع الديني و الأخلاقي الذي يكبح جماح الفرد ويحول بينه و بين اقتراف الجرائم و إتيان المعاصي؟ أم أن الضمير و الوازع والخوف من الله اختراعات خاصة بالفقراء و المساكين من الطبقات ما دون الكادحة دون غيرهم؟
فالدين في الدولة المستبدة "فزع يضاف إلى فزع" (الدكتور إمام عبد الفتاح إمام: كتاب: الطاغية دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي. سلسلة عالم المعرفة عدد 183 مارس 1994 ). و إذا كانت الحال بهذه الدرجة من السوء في فجر الإسلام الأول، وإذا كانت الخلافات و الفتن و الحروب قد اندلعت بين أناس عايشوا النبي وقاتلوا إلى جانبه، ثم لم ينتظروا تفرق الموكب الجنائزي ليبدأوا تقسيم المناصب و الامتيازات. فلم كل هذا الضجيج اليوم حول العلمانية أو الإلحاد؟ كأنني وأنا الملحد أول من شق شرنقة الإسلام أو كأنني أول من أتى منكر الخروج عن إجماع الأمة؟
فيما يلي أورد بكثير من الإيجاز بعض الأمثلة التي يحرص الإسلامايون على إخفائها عن عامة الجمهور و التي تبين بجلاء اهتراء أمثولة الإسلام و تآكل حجج من لا يزال يطبل و يزمر له في أيامنا الحاضرة
مثال1
في خضم الفتنة الكبرى التي نشبت بين علي و معاوية على الحكم عين الأول عبد الله بن عباس حبر الأمة واليا على البصرة. طبعا ليس بنا من حاجة إلى الخوض في تعريف شخصية من طينة عبد الله بن عباس. المهم أن حبر الأمة استغل انشغال الجميع بالحرب فقام بكل بساطة بسرقة بيت مال المسلمين بالبصرة، وأخذ الجمل بما حمل و استعصب حوله أبناء عمه لحمايته. و لما ألح عليه علي في طلب المال أجابه بعبارته الشهيرة " والله إن لم تكفف عني أباطيلك حملت هذا المال إلى معاوية يقاتلك به".
المثال2
عندما انتهى إلى علم مروان بن الحكم، و هو الناسك العابد لدرجة أنه كان يلقب بحمامة المدينة، أنه تمت مبايعته خليفة على المسلمين وكان حينها ممسكا المصحف يقرأ فيه، أطبق المصحف و قال "هذا آخر عهدنا بك".
المثال3
قام الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور يخطب من على المحراب يخطب في الناس قائلا: "والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه".
المثال4
دخل أزيد من90 من أمراء و قادة بني أمية على الخليفة أبي العباس السفاح يستأمنونه على أنفسهم فأمنهم ثم أمر بقتلهم عن آخرهم و أمر بمد البسط فوق أجسادهم وتناول طعامه و آهات بعضهم لا تزال تملأ المكان. (متى كانت الفضيلة معيقا للملوك: فرديريك الثامن)
المثال5
في يوم واحد قتل العباسيون أزيد من اثنين وسبعين ألف أموي –لاحظ معي هول الرقم 72000- في وقعة الحرة. إنه تقريبا نفس العدد الذي قتل في قنبلة مدينة هيروشيما اليابانية.
المثال6
وهذا ابن هانئ الأندلسي يمدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
و كأنمــا أنـــت النبي محمـد
و كأنمــا أنصارك الأنصار
ثم يمدحه في موضع آخر قائلا:
ندعـوه منتقمـا عـزيزا قـادرا
غــفار مـوبـــقة صفوحـــــــــــا
أقسمــت لــولا دعيــت خليفة
لدعيـت من بعد المسيح مسيحا
المثال7
و هذا خالد بن الوليد يعشق امرأة متزوجة ويضع زوجها في الصفوف الأمامية ليتأكد من أنه هالك لا محالة و يتمكن هو من الزواج بها. وهذا عثمان بن عفان يجيب من جاءه من الوسطاء يستشيرونه في أمر تنحيته عن الخلافة حقنا لدماء المسلمين، خصوصا و أنه كان شيخا طاعنا في السن و أن داره كانت محاصرة بالثوار الذين يريدون قتله. فكان جوابه كالتالي "والله لا أنزع سربالا سربلنيه الله". أي أن الحكم هنا عند عثمان تكليف رباني و إن كره المسلمون ذلك.
المثال8
وهذا الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن مروان بن الحكم يجعل من المصحف هدفا لسهامه معلنا إلحاده الصريح في أبيات شعرية شهيرة يقول للقرآن فيها "قل لربك خرقني الوليد".(لمن يريد نص الأبيات العودة إلى كتاب فرج فودة الحقيقة الغائبة أو كتاب الدكتور صادق جلال العظم ذهنية التحريم). هذا بالإضافة إلى خليفة يراود أخاه عن نفسه، وآخر يعشق الغلمان وغرائب وعجائب أخرى لا تعد و لا تحصى عن استخفاف الحكام بالمقدس و بأبسط رموزه.
أمن بعد هذا تؤمنون؟ بعد كل هذا يطل علينا اليوم ملتحون نيوإسلامانيون ودعاة بالوراثة من النوع الذي يمشي على هدي البيتروإسلام من خلال الفضائيات. حتى إنهم صاروا ينافسون قنوات روتانا و ميلودي ونجوم وغيرها. كل واحد منهم يفتتح له قناة وكأني بالمسلمين تغلبوا على كافة هموم معاشهم اليومي من مأكل ومشرب وسكن و شغل ونظافة ... ولم يتبق لهم إلا التلفزيون ليتفرجوا عليه؟ فليتفرج الــــــــــــــــــعـــــــــــالــــــــــــــــــم
الله ليس أكثر من صرخة في شارع: جيمس جويس

الاثنين، شتنبر 11، 2006

 

بين الأمر الإلهي و المشيئة الإلهية ... المتـــــاهة

في العلوم الدينية هناك ما يعرف بالأمر الإلهي الذي قد يطاع و قد يعصى، و هناك ما يسمى بالمشيئة الإلهية التي هي حكم مسبق نافذ في العباد دون إمكانية عصيانه أو رفضه. فعندما أقول أنا مثلا أنني ملحد لا أومن لا بالله و لا بغير الله، فذلك –من وجهة نظر غيبية طبعا- ليس إلا نفاذ المشيئة الإلهية المقدرة سلفا و التي اقتضت حكمة من شاءها أن أكون أنا كما أنا. هذا الأمر خطير، بل بالغ الخطورة لأنه يعني بكل بساطة أن هذا الكون رهن هوى الله الجبار المتعالي و محكوم بإرادته. هذا شاء له الله دون سبب واضح أن يكون شقيا، و هذا شاءت له القدرة الإلهية أن يكون من السابقين أصحاب الحظوة. بربكم أليست هذه قمة العبثية؟
في الواقع إن المفهومين كليهما ليسا إلا اجتهاد فقهاء للتغطية على اختلالات عميقة و تناقضـات أعمق تشوب التفسيرات الغيبية لإشكالية الخلق و نشوء الحياة. و لحسن الحظ فإن الإرادة وحدها لا تكفي لحجب الشمس بالغربال، بل و لا حتى بمائة غربال دفعة واحدة. سواء أطاع الإنسان الأمر الإلهي أم لم يطعه، فإنه يكون في الحالتين معا قيد تنفيذ مشيئة الله التي ليس من مناص من الخضوع لمقتضياتها. يقول المتدينون و الفقهاء و تجار الوحي أن الإنسان حر في التعامل مع الأوامر الإلهية، إن شاء انصاع لها و إن شاء عصاها. أين هي الحرية التي يتحدثون عنها، ماداموا هم أنفسهم يقرون أن المشيئة أشمل و أعمق و مادام علم الله قد وسع كل شيء؟
إن النظر إلى الأمور من هذه الزاوية يجعلنا نقف على مدى عبثية الحياة و الخلق و الوجود –من وجهة نظر متدينة طبعا-. إن كل حركاتنا، حتى المتناهي في التفاهة منها، يصبح فجأة تحصيل حاصل لرغبة إلهية ارتأت ذلك لحكمة يحتكر الله وحده الإطلاع عليها. عملا بهذا المنطق يحق لنا السؤال ما جدوى خلق الإنسان و الكون بصفة عامة ما دام ذلك لا يعدو كونه مسرحية الله هو كاتبها و مخرجها و المتفرج الوحيد عليها؟ إننا بهذا المعنى لسنا أكثر من كراكيز لا قيمة لها، تحركها يد الله كيفما يحلو لها. ما فائدة خلق الله للإنسان بل و حتى الشيطان إذا؟ ( لمن يريد الاستزادة أكثر حول مأساة إبليس الرجوع إلى كتابي صادق جلال العظم: نقد الفكر الديني و الشيخ عز الدين المقدسي: تفليس إبليس). بعد كل هذا، أين هو العدل الإلهي ركيزة الوجود؟ يخلقني الله، ثم تقتضي حكمته أن أصير كما أنا الآن ملحدا، ثم يحاسبني بعدها على أمر هو من أراده لي وأنفذه في.
إنني أرفض قبول هذا الهراء. لأنه يحرمني من لذة الاستمتاع بفكرة أن إلحادي هو أولا فعل واع و إرادي أتحدى من خلاله الله القوي الجبار. إنني أرفض هذا المنطق المتهالك لأنه يجعل من إلحادي في نهاية الأمر انصياعا لمشيئة الله و بالتالي طاعته، و هذا بالتأكيد آخر ما يشغل بالي. بل إنني أرفض الأمر لأنني لا أقبل أن لا أكون سيدا على حياتي و أفعالي. أنا سيد على نفسي أفعل بها ما أريد بها ما يبدو لي أنه الصواب و لست مجرد غشاء أو قشرة لكنه ألهي.
===
-" أنا أفكر، إذن أنا موجود " ديكارت
"سنظل عبيدا على الأرض، ما دام لنا سيد في السماء" باكونين
"عصور اليقين عبر التاريخ هي عصور الانحطاط" فؤاد زكريا
"المتدينون: إن أعجزهم العصر كفروا العصر و إن أعجزهم عرش مصر هدموا مصر" فرج فودة
بائع الورود

This page is powered by Blogger. Isn't yours?