الأربعاء، نونبر 01، 2006

 

همج همج همج

قبل عدة أعوام كان لي نخلة و قطيع من الابل’ كما كان لي خيمة و أهل أحن إليهم بين الصبيحة و عشيتها, كان لي خالة هرمة و عم يمتطي بعيره بمناسبة و بغير مناسبة. لم تكن خيمتنا كبيرة جدا لكنها كانت تأوينا جميعا. عظمة خيمتنا لم تكن لها علاقة بحجمها و لا بأثاثها الرث, خيمتنا تلك كانت عظيمة لأنها كانت تجمعنا تحت خيوطها الوبرية الخشنة. لم تكن لنا مائدة طعام نتحلق حولها, أشياء شتى أخرى عديدة لم تكن خيمتنا تضمها,
حول الخيمة تلك اعتدت أنا و عدد كبير من أخواتي و إخواني و أبناء أعمامي و أخوالي و كل أبناء عمومتي الأخرين الأقربين -كنت قد اعتدت العدو و اللعب و الركض تحت و هيج الظهيرة, لم نكن سعداء لكننا لم نكن نعرف ما ههي التعاسة.ذات صباح غطت غمامة غريبة ما بين الشمس و الأرض فحجبت عنا الرِؤية, لم يسبق لأي منا أن رأى هكذا غمامة. إنهم الهمج؟ كان الهمج قد غطوا المنطقة عن آخرها و لما ضاقت بهم الأرص و لم يجدوا لهم فيها متسعا يكفي حشودهم انتظموا أسرابا و ملئوا السماء أيضا. كان عددنا قليلا جدا. ما العمل هل نواجههم؟ لن تدوم المعركة كثيرا حتى ينتهوا من آخر واحد منا و يدفنوا معه آخر عهد لنا بالحياة. هل نهادنهم؟ و كيف لنا بلسانهم و كل العادات الدخيلة التي يحملونها معهم حيثما حلوا و ارتحلوا؟ كيف لنا أن نأمن على أنفسنا منهم. ثم كيف لنا أن نضمن لأنفسنا و لكل أسلافنا و أبناءنا أن لا نصبح مثلهم مجرد همج؟
غطت جحافل الهمج كل الوديان و الجبال و المغارات و حتى المقابر و مواقد النيران؟ في الليل تسمع لهم صوتا كأنه حشرجة المحتضر يبحث عن نفس أخير. همجي يمر بهمجي آخر, يرمقه قليلا, يخرج من بين ثنايا ملابسه سكينا ثم يغرزه في عين الهمجي الأول.يواصل طريقه ببرودة. كل هذا و هما لم يتبادلان و لو كلمة.همجي يتبرز و يتبول على قارعة الطريق. همجي يقتل رفيقا له من أجل قحبة تمر بالقرب. همجي يترنح أرضا من فرط الشرب, يمر به آخر, يرميه أرضا ينهال عليه ضربا و شتما دونما سبب.همجية تمر مسرعة, ينطلق في أثرها همجي زنجي كأنه عفريت. أيره منتصب. يلحق بهل. يجذبها من شعرها. ثم يوقعها أرضا. يقفز فوقها و هو يصرخ كأنه كلب مسعور. حركاته غريبة و بالغة العنف و القسوة. صوته مرعب. ينتفض فوقها و يهتز في هيستيرية حيوانية. يذهب عنها و يتركها مرمية. كان الني يقطر من شيئه. في عالم الهمج ليست هناك أسباب, فقط هي مجرد أفعال يأتونها و فق الغريزة و الظرفية و المزاج.
هي أرضي التي كثيرا ما نالت مني أشواك طلحها . أرضي في قبضة الهمج؟ معقوووول ؟؟كثباني البريئة و براري العذراء يدنسها الهمج حتى علا برازهم المرتفعات و أخاديد الوديان العميقة.براز و خراء في كل مكان. براز و قيء و مني في كل شبر و كل رقعة من شيء كان قبلا وطني أو هكذا كان. همج كأنهم الجراد أدركه الليل فبات. يجثمون فوق صدري كأني أحس بوطأتهم تخنق أنفاسي و تعيق تنفسي.هل سبق لك أن أحسست مثلي أنك و أنت صاحب الأرض لاجيء فيها؟ هل سبق لك أن أحسست مثلي بالغربة بين أهلك و أقاربك. ألم يسبق لك أن أحسست بنفسك أجنبيا بينهم. إذا كنت مثلي فهلا فتحت لي صدرك و مددت لي يدك و شرعت لي أبواب قلبك من أجل طرد الهمج الذين يدنسون أرضي و أرضك و كل الأراضي امقدسة و غير المقدسة الأخرى.

This page is powered by Blogger. Isn't yours?